الرجوع إلى CNN

تمكين مستقبل قطر الرقمي عن طريق الحوسبة السحابية

بعدما تسببت جائحة فيروس كورونا المستجد بتوقف الحركة في العالم أجمع، ازدادت تساؤلات الدول حول كيفية استئناف الحياة. هل يقضي الهدف بالعودة إلى الحياة الطبيعية؟ أو هل من الممكن إعادة بنائها بشكل أفضل؟


في ظل افتتاح دولة قطر لمنطقة مايكروسوفت أزور الحديثة، (وهي منطقة تدعمها مراكز بيانات مايكروسوفت أزور التي توفر خدمات سحابية سريعة، وموثوقة، وآمنة للمؤسسات، تمكّنها من حفظ بياناتها فيها)، أصبحت دولة قطر مثالاً يُحتذى به، إذ أنّها تستثمر في مجال التكنولوجيا بهدف تعزيز اقتصاد البلاد، فيما تعمل على بلورة مجتمع مستدام.

عام 2008، طرحت دولة قطر الرؤية الوطنية 2030، وكانت عبارة عن بيان مهمة خاص بالدولة يهدف إلى تحقيق «دولة متقدمة قادرة على تحقيق التنمية المستدامة وعلى تأمين استمرار العيش الكريم لشعبها جيلاً بعد جيل.» باختصار، إنه برنامج استثمار جريء يسعى إلى تطوير أربع ركائز متداخلة تشمل الجانب الإنساني، والاجتماعي، والاقتصادي، والبيئي. وهو تماماً نوع البرنامج عينه الذي يطالب الكثيرون باتباعه من أجل بلورة المجتمع بعد الجائحة.

وبهدف إتمام جدول الأعمال، كان لا بد من إدراج برنامج قطر الذكية، وهو عبارة عن مبادرة للتحوّل الرقمي يمتد على خمس سنوات. أُطلق برنامج الاستثمار هذا في عام 2017، وقُدرت قيمته بـ1.64 مليار دولار أمريكي، في مسعى إلى الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية لتعزيز جوانب المجتمع كافة، بدءاً بالمواصلات والخدمات اللوجستية، ووصولاً إلى الرعاية الصحية، والبيئة، والرياضة.

تحويل الوطن رقمياً

يُعد دمج مشاريع قطر الذكية أساسياً لتحقيق هدف مجتمع قادر على حفظ مستوى معيشي مرتفع لجميع مواطنيه، سيما في عصر يشهد اضطرابات غير مسبوقة. وكي تحصد هذه المشاريع النجاح المرجو، لا بد من اللجوء إلى السحابة. بالتالي، أصبحت الحماسة بشأن إطلاق منطقة مايكروسوفت أزور عام 2021 مبررة للغاية.

تندرج أزور ضمن فئة البنية التحتية كخدمة لدى مايكروسوفت، وتسمح للمستخدمين بتشغيل تطبيقات معقدة على خوادم الشركة القوية بدلاً من الأجهزة المحلية، بحيث تتراوح بين الأجهزة الافتراضية وتطبيقات التعلم الآلي المتطورة.

علماً أنّ الدوائر الحكومية القطرية قد بدأت باستخدام مايكروسوفت أزور سابقاً، إلّا أنّ تحويل الدولة إلى منطقة أزور قد عزز القدرات السحابية في دولة قطر بشكل ملحوظ. في الواقع، تساهم هذه الشبكة الجديدة في تعزيز أداء السحابة، وموثوقيتها، وأمنها بدرجات عالية، حتى أنها تستطيع أن تحل محل بنية تكنولوجيا المعلومات في مكان العمل.

بإيجاز، ستوفر منطقة أزور البنية التحتية الضرورية لتحقيق طموحات برنامج قطر الذكية الجريئة، ورؤية 2030 على التوالي. ومن المقرر أن توفر منصات الرعاية الصحية الذكية إمكانية الوصول العالمية الفورية إلى الطب الإلكتروني، والتشخيص عن بعد. أما الخدمات اللوجستية، فسيتم تنسيقها بواسطة مركز تحكم مؤمم قائم على البيانات. وستعمل شبكة طاقة ذكية على تحسين الاستهلاك إلى أقصى حد ممكن، موفّرة الاستجابة السريعة فور ورود أي طلب.

وفي مناطق أزور أخرى، تم تسخير التكنولوجيا مثلاً لتحسين استهلاك وقود الطائرات، وتوقع أحوال الطقس الكارثية، والتكيف مع تأثيرات تغير المناخ. يوضح الفيديو أدناه كيف استعملت مصلحة المياه الهولندية ‎PWN خدمة أزور للحفاظ على إمدادات المياه في خطوة لمواجهة النقص المرتبط بتغير المناخ

الاستثمار في مرحلة النهوض

صحيح أنّ بعض الدول تواجه صعوبات في وضع خطط طويلة الأمد في ظل الانهيارات الاقتصادية التي تشهدها، ولكن أثبت برنامج قطر الذكية ومنطقة أزور أنّه يمكن تحقيق الأهداف الاجتماعية والحوافز الاقتصادية في الوقت عينه.

وتقدّر مؤسسة البيانات الدولية (‎IDC) أنّ النظام البيئي لسحابة مايكروسوفت ستوفر 24,000 وظيفة جديدة في قطر بحلول عام 2024. ومن المتوقع أيضاً أن يحصل شركاء مايكروسوفت على 8 دولارات أمريكية مقابل كل دولار أمريكي تجنيه مايكروسوفت.

علاوة على ذلك، وبالشراكة مع حكومة قطر الرقمية، ستوفر الشركة التدريب لـ3,000 موظف حكومي في السنة في مجالي التكنولوجيا السحابية والذكاء الاصطناعي، فضلاً عن تعزيز مهارات 50,000 فرد في التكنولوجيا المستقبلية على مدى السنوات الخمس المقبلة. وقد تساهم هذه الجهود المبذولة في سد الثغرات الملحّة للمهارات في المنطقة.

وإلى جانب المساهمة تكنولوجياً في تحقيق أهداف مستدامة، من المقرر أن تعمل مراكز البيانات بشكل حاسم على الطاقة المتجددة بنسبة 100% بحلول عام 2025، كما تسعى مايكروسوفت إلى أن تصبح محايدة للكربون بحلول عام 2030.

وتتيح مراكز البيانات هذه للمؤسسات والمنظمات بالحدّ من تعقيدات مزاولة عملياتها التشغيلية عبر مواقع ضخمة، سواء كانت تغطي دولةً بأسرها على غرار قطر أو حتى عبر الحدود. وبفضل القدرة على التحكّم بتوسيع نطاق البنية التحتية أو خفضه تلبيةً للمتطلبات الراهنة، يمكن المحافظة على مستوى الخدمة عينه مهما كان حجم الطلب وتبقى بالتالي التكلفة قابلة للإدارة. ولا تستطيع وحدات تخزين البيانات التقليدية الموجودة في موقع العمل، ولا حتى الإجراءات الأمنية الموجودة في حلول السحابة المُدارة خارجياً على سبيل العروض التي تقدّمها مايكروسوفت، مضاهاة هذه المزايا.

دول العالم تتفرّج

تفصلنا سنتان عن اكتمال مبادرة قطر الذكية، وقد يساهم نجاح هذه المبادرة في جعل رؤية 2030 نموذجاً تحتذي به الدول الأخرى للخروج من الأزمات الناتجة عن فيروس كورونا المستجد.

ولكن سيظهر الدليل في عام 2022 حين تستضيف الدوحة كأس العالم لكرة القدم. وتعتزم الدولة الاستفادة من هذه الفعالية البارزة لتسلط الضوء على عاصمتها وتبرزها كإحدى المدن الأكثر اتصالاً في العالم. وسيحظى 1.7 مليون زائر يُتوقع حضورهم إلى المدينة، بمجموعة شاملة من الخدمات التي توفرها مايكروسوفت أزور، بدءاً بالتطبيقات الذكية لوسائل النقل العام، ووصولاً إلى إمكانية الوصول رقمياً إلى خدمات الرعاية الصحية.

سيشهد هؤلاء الزائرون على تحوّل الدولة رقمياً. بعدما أثبتت دولة قطر قدرتها على الخروج من أزمة فيروس كورونا المستجد، وبعد إطلاق منطقة أزور عام 2021، لا شك في أنّها ستتمتع بسرعة الأداء والمرونة استعداداً للصعوبات المقبلة. ولكن الدولة لن تكتفي بما تملكه لتحقيق الرؤية الوطنية 2030 وحسب، بل ستسعى أيضاً إلى تحديد مسارات المستقبل.

اكتشف المزيد حول مشاريع التحوّل الرقمي التي تساهم في تغيير حياة الكثيرين في قطر.