خدمات لا غنى عنها
ما هو السر وراء استجابة قطر المتفوّقة لجائحة كورونا؟ الإجابة هي الخدمات اللوجستية.
خرجت دولة قطر سالمة نسبياً من جائحة كوفيد-19. منذ بدأت الجائحة، سجّلت الدولة، التي يبلغ عدد سكانها 2.88 مليون شخص، 700 حالة وفاة مرتبطة بفيروس كورونا. تنعم دولة قطر بمناخ دافئ، وتركيبة سكانية شابة، ونظام رعاية صحية قوي. ولكن ورقتها الرابحة تمثّلت في نجاح عملية طرح اللقاحات. تم استلام حوالى 6.5 مليون جرعة حتى الآن، وهي كافية لتلقيح أكثر من 115% من السكان.
لا شك في أن التلقيح الجماعي ليس بمهمّة سهلة، فهو يطرح تحدّيات كبيرة، بدءاً بالحصول على الجرعات في ظل تهافت عالمي عليها ووصولاً إلى تلقيح جميع السكان بدون أي استثناء. ويعود الفضل في إتمام هاتين العمليتين إلى الجنود المجهولين الذين ينقلون القوارير من المصانع إلى الأطباء والممرضين.ينطوي تقديم خدمات لوجستية واسعة النطاق على صعوبات عديدة. ويزداد الأمر صعوبة عندما تترتّب على هذه الشحنات متطلبات صارمة متعلقة بالوقت ودرجة الحرارة، في بلد يمكن أن تتجاوز درجات الحرارة فيه 50 درجة مئوية في فصل الصيف. لكن شركة GWC، وهي المزود الرائد للخدمات اللوجستية في قطر، ارتقت إلى مستوى التحدي.
الحفاظ على درجة حرارة مناسبة
قال رنجيف منون، الرئيس التنفيذي للمجموعة في GWC: «قمنا بتسليم أول جرعة من اللقاح إلى قطر في 21 ديسمبر 2020. لقد كانت لحظة فخر بالنسبة إلينا ومدعاة للارتياح بالنسبة إلى السكان».
يعزى حصول دولة قطر على اللقاحات في وقت مبكر جداً إلى استراتيجية الشراء المعتمدة في البلاد. وكان لتمتع شركة GWC بالبنية التحتية اللازمة لتخزين الجرعات وتوزيعها دوراً أساسياً، مزج بين التوفيق والتخطيط الدقيق.
افتتحت GWC مركزها اللوجستي الدوائي في عام 2016، وهو عبارة عن منشأة مساحتها 25,000 متر مربع تقع في قلب «القرية اللوجستية قطر» التي تبلغ مساحتها مليون متر مربع. وساهم هذا المركز في سد فجوة كبيرة لمقدمي الرعاية الصحية في دولة قطر.
وبفضل هذه المنشأة والبنية التحتية، تمكّنت شركة GWC من توفير التخزين البارد واللازم للحفاظ على كمية كبيرة من لقاحات «فايزر» ضمن نطاق درجات الحرارة المطلوب. وفي هذا الإطار يقول سيد معاذ: «يجب تخزين لقاح «فايزر» في درجة حرارة 70 درجة مئوية تحت الصفر»، موضحاً أن درجات الحرارة المتدنية تتطلّب معدات متخصصة. ويضيف: «كنا على أتم الاستعداد في نوفمبر 2020، أي قبل شهر من وصول الجرعات الأولى».
أما ضمان وصول هذه الجرعات بأمان إلى دولة قطر فشكّل تحدياً آخر. وهو تحدٍ تمكّنت شركة GWC من التصدّي له بفضل تعاونها مع شركة UPS.
شبكة عالمية
يقول سيد معاذ، رئيس تطوير الأعمال في شركة GWC: «يجب حفظ اللقاحات في صناديق متخصّصة تحافظ على درجة الحرارة حتى بدون كهرباء. وللصناديق أجهزة مخصصة لمراقبة درجة الحرارة عن بُعد حتى نتمكّن من معرفة ما إذا كانت تخرج عن النطاق المحدّد».
ليست التعبئة والتغليف الشرط المتخصّص الوحيد عند نقل الأدوية الحساسة مثل لقاحات «فايزر». فبسبب وصول درجة الحرارة داخل الصناديق إلى أقل من 70 درجة مئوية تحت الصفر، يحتاج العمال إلى تدريب دقيق على كيفية نقلها بأمان. يوضح معاذ: «إذا وضع أحد العمال إصبعه داخل الصناديق، فسيفقده على الفور».
عندما تم طرح اللقاحات لأول مرة، كانت تُعد على الأرجح السلعة الأكثر قيمة على الأرض. فقد رافق حرّاس مسلّحون الشحنات الأولى للقاح «موديرنا» القادمة من ألمانيا إلى المطار.
أصبحت GWC مزوّد الخدمات المفوّض (ASC) لشركة UPS في قطر منذ عام 2015، لتصبح فعلياً الممثل المحلي للشركة اللوجستية العالمية العملاقة في دولة قطر.
90 دقيقة حتى التخزين
تحافظ العبوات التي يتم التحكّم في درجة حرارتها على درجة الحرارة لفترة محدودة. لذلك، شكّلت السرعة في تسليم الشحنات بعد وصولها إلى دولة قطر عاملاً أساسياً.
وقد تطلّب ذلك مستوى عالياً من التنسيق بين شركة GWC والهيئات القطرية، أولاً لضمان التخليص الجمركي للشحنات، ثم لإرسال الشحنات مباشرة بمساعدة الناقل الوطني، أي الخطوط الجوية القطرية، من خلال تجاوز النموذج اللوجستي المعتاد المتمثّل في «محور التجميع ومسارات التوزيع». وقد أثبت هذا النهج نجاحه، كما يقول معاذ، «على مدار أكثر من عام، تمكنّا من نقل شحنات اللقاح باستمرار إلى المخازن في غضون 90 دقيقة من وصولها».
وبعد تخزينها بأمان، توجّب على شركة GWC التنسيق مع وزارة الصحة القطرية لنقل الجرعات إلى مراكز التطعيم، والتأكّد من أنها تحافظ على درجات الحرارة اللازمة على الطريق، مع توفّر مساحة مبرّدة كافية لتخزينها بعد وصولها.
عمّال فخورون
قد يكون توصيل اللقاح إلى شعب بأكمله التحدّي الأكبر في مجال الخدمات اللوجستية. ولكن السر خلف نجاح شركة GWC يكمن في التفاني والعمل الجاد. يقول معاذ: «يتمتّع فريقنا بأعلى درجات الالتزام. حتى أن بعض موظفي التوصيل لم يرغبوا في المغادرة بعد انتهاء ساعات عملهم لأنهم يشعرون بفخر شديد لكونهم جزءاً من هذا المسعى».
لحسن الحظ، انخفض عدد الإصابات بفيروس كورونا في دولة قطر. ولكن في حال تغيّر هذا الوضع، بوسع القطريين أن يطمئنّوا لأنه مع وجود فريق لوجستي شغوف كفريق شركة GWC، سيحصلون على الجرعات المعزّزة والأدوية المضادة للفيروسات التي يحتاجون إليها في أسرع وقت ممكن.